اتحاد العاصمة ونهضة بركان: بين المبادئ الوطنية والطموحات القارية في كأس الكونفدرالية الإفريقية

أسفرت قرعة ربع نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية عن مواجهة جزائرية خالصة بين اتحاد العاصمة (USMA) وشباب قسنطينة (CSC)، لكن الأنظار تتجه إلى نصف النهائي المحتمل، حيث قد يواجه اتحاد العاصمة فريق نهضة بركان المغربي، مما يعيد إلى الأذهان أزمة 2024، حين رفض النادي الجزائري خوض مباراته اعتراضًا على خريطة الصحراء الغربية على قميص الفريق المغربي. فكيف ستتعامل الجزائر مع هذا التحدي الجديد؟
الرياضة في قلب السياسة
أثارت أزمة قميص نهضة بركان عام 2024 جدلًا واسعًا حول تداخل السياسة مع الرياضة. فبينما تحظر المادة 10.3.6 من لوائح الفيفا أي رموز سياسية على الملابس الرياضية، تجاهل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF) هذه القاعدة، ما دفع اتحاد العاصمة للانسحاب وتلقي عقوبات قاسية. هذا القرار كشف عن ازدواجية المعايير، إذ لم تحرك الفيفا ساكنًا، ما منح المغرب فرصة استغلال الفراغ القانوني لصالحه.
الاتحاد الجزائري لكرة القدم ووزارة الرياضة لم يتخذا حينها خطوات قانونية حاسمة أمام محكمة التحكيم الرياضية (TAS)، ما جعل الجزائر في موقف رد الفعل بدلًا من المبادرة. واليوم، قد يجد اتحاد العاصمة نفسه أمام نفس المأزق: الالتزام بالمبادئ الوطنية أم مواصلة مشواره نحو اللقب القاري؟
اتحاد العاصمة: نادٍ بماضٍ ثوري والتزام لا يتزعزع
تأسس اتحاد العاصمة عام 1937، وكان رمزًا للنضال الوطني، حيث استجاب لنداء جبهة التحرير الوطني عام 1956 وأوقف نشاطه دعمًا للثورة الجزائرية. إرث النادي الثوري يجعله غير قادر على تقديم أي تنازلات تمس السيادة الوطنية، حتى لو كلفه ذلك الإقصاء من المنافسة.
في نسخة 2024، فضّل الفريق العقوبة على خوض مواجهة مع نهضة بركان بسبب القضية السياسية المرتبطة بالقميص. واليوم، قد يواجه نفس القرار الصعب، ما يعني التخلي عن حلم التتويج من أجل مبادئه التاريخية.
الحلول المطروحة: استراتيجية قانونية ودبلوماسية
قبل أن يصبح اتحاد العاصمة أمام خيار صعب، يجب على الجزائر التحرك استباقيًا عبر مسارين:
- المسار القانوني: تقديم استئناف رسمي إلى محكمة التحكيم الرياضية (TAS) لتفسير المادة 10.3.6 وإلزام CAF بتطبيقها لمنع استخدام الرموز السياسية في المسابقات الإفريقية.
- المسار الدبلوماسي: الضغط على الاتحاد الإفريقي والفيفا لمنع تسييس الرياضة، والاعتماد على الموقف الدولي الذي لا يعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
كما يتوجب على الاتحاد الجزائري لكرة القدم (FAF) أن يكون أكثر حزمًا، تمامًا كما دافعت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عن نهضة بركان العام الماضي.
بين الكرة والمبادئ: معركة تتجاوز المستطيل الأخضر
إذا تأهل اتحاد العاصمة لمواجهة نهضة بركان، فلن تكون مجرد مباراة، بل اختبارًا لعزيمة النادي ومبادئه. في ظل اتحاد إفريقي متساهل وفيفا صامتة، تحتاج الجزائر إلى تبني موقف استراتيجي هجومي بدلًا من رد الفعل. فهل يستطيع اتحاد العاصمة الموازنة بين إرثه النضالي وطموحاته القارية؟ أم سيجد نفسه أمام خيار مؤلم مرة أخرى؟
الخاتمة
مع اقتراب الأدوار الحاسمة لكأس الكونفدرالية، يبدو أن اتحاد العاصمة قد يكون في مواجهة جديدة مع تحدٍ سياسي ورياضي معقد. وما لم تتحرك الجهات المسؤولة مبكرًا، قد يتكرر سيناريو 2024، مما يطرح تساؤلًا جوهريًا: إلى متى ستبقى الرياضة رهينة التجاذبات السياسية؟